ليس للكذب ألوان
تهمس " ا " في أذن صديقتها " ب "
ب - – بخوف وفزع – يا إلهي متى حدث ذلك ؟
ا - – تضحك - . . هل صدقت ما قلت لك ؟
تواصل الضحك – إنها كذبة بيضاء . . إنها كذبة نيسان . . وتسمى أيضاً كذبة إبريل
ب – غاضبة – ومن قال لك أن للكذب ألواناً . . إن الكذب شيء قبيح وسيئ , ولا يحبه الله ولا يرضاه من أحد من المسلمين . . ثم هل نحن " نصارى " حتى نكذب مثلهم " كذبة إبريل " , وهل تعرفين ما قصة كذبة إبريل ؟
يطلق عليها الأفرنج سمكة إبريل , ويراد بذلك الأكاذيب التي يروجها الناس على بعض في أول يوم من هذا الشهر طلباً للضحك والمزاح , وقد اختلف المؤرخون في أصلها وذكروا لها مسببات وأحداث كثيرة , ومن أشهر ما حدث في أوروبا في أول إبريل أن جريدة إنجليزية أعلنت أن غداً – أول إبريل – سيقام معرض حمير عام في غرفة الزراعة للمدينة , فهرع الناس لمشاهدة تلك الحيوانات , واحتشدوا احتشاداً عظيماً وظلوا ينتظرون , فلما أعياهم الانتظار سألوا عن وقت عرض الحمير , فلم يجدوا شيئاً , فعلموا أنهم إنما جاءوا يستعرضون أنفسهم فكأنهم هم الحمير . وكتب بعضهم عن أصل هذه الكذبة قائلاً : الكثير منا يحتفل بما يسمونه كذبة إبريل . والترجمة الحرفية لها " خدعة إبريل " . والحقيقة المرة الخفية وراء ذلك .. عندما كان المسلمون يحكمون أسبانيا قبل حوالي ألف سنة , كانوا في ذلك الوقت لا يمكن تحطيمها , وكان النصارى الغربيون يتمنون أن يمسحوا الإسلام من العالم , والحد من امتداد الإسلام والقضاء عليه ولم يفلحوا . بعد ذلك أرسل الكفار جواسيس إلى أسبانيا ليدرسوا ويكتشفوا سر قوة المسلمين التي لا تهزم , فوجدوا أن الالتزام بالتقوى هو السبب . فبدأوا في التفكير في استراتيجية تكسر هذه القوة , وبناءً عليه بدأوا بإرسال الخمور والسجائر إلى أسبانيا مجاناً . وبدأ الإيمان يضعف عند المسلمين خاصة في جيل الشباب . وكانت نتيجة ذلك أن النصارى الغربيين أخضعوا كل أسبانيا تحت سيطرتهم منهين بذلك حكم المسلمين , وسقط آخر حصن للمسلمين وهو غرناطة في أول إبريل ولذلك اعتبروها (( خدعة إبريل )) . ومن تلك السنة إلى الآن يحتفلون بذلك اليوم ويعتبرون المسلمين حمقى ..
ويرى بعض المؤرخين أن هذه البدعة تمتد إلى عصور قديمة واحتفالات وثنية لارتباطها بتاريخ معين في بداية فصل الربيع فهي بقايا طقوس وثنية .
ا – إنها قصة محزنة حقاً .. ولكن الجميع يكذبون .
ب – بأسى – صحيح لقد صار الكذب مألوفاً في حياتنا اليومية , حتى صار الصادق اليوم طيباً , والطيب غبياً .. كما يدعي أئمة الكذب والنفاق .. ولذلك جعلوا له ألواناً وزينوه .. وجعلوه من خفة الدم والترويح عن النفس .
ا – لماذا هذا الغضب ؟ أمن أجل كذبة بيضاء قصدت بها المزاح معك .
ب – يدها على كتف صديقتها – لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الصدق يهدي إلى البر , وإن البر يهدي إلى الجنة , وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً , وإن الكذب يهدي إلى الفجور , وإن الفجور يهدي إلى النار , وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " رواه البخاري ومسلم .
فالكذب خداع وغش ونفاق .. والمسلم الحق لا يحب أن تكون فيه هذه الصفات السيئة .. ويكفي أن الكذب من صفات المنافقين , كما ذكر في الحديث الشريف :
" آية المنافق ثلاث : .. وذكر منها " إذا حدث كذب " ومعروف يا عزيزتي مصير المنافقين الدرك الأسفل من النار .
ا – مراوغة في كلامها – كلامك صحيح , ولكن ما يضر لو كذب الإنسان في أمر يخصه , ولا علاقة للآخرين به .
ب – إذن يخدع نفسه ويغشها , والمصيبة الكبرى حين يغش الإنسان نفسه .
ا – إذن لو كذب الإنسان في حق الآخرين لأنقذ نفسه من هذا الخداع والغش كما تقولين .
ب – بحرقة وألم – كيف ؟ وقد قال سيد الأنبياء وخاتم المرسلين : " من غشنا فليس منا " كيف لا يضر أن ينسلخ الإنسان من دينه وتتبرأ منه أمته ..
يا عزيزتي : الكذب خداع وغش ونفاق وظلم للنفس وللآخرين .
ا – معاندة – لو كان الكذب كما تقولين , فلماذا يقطعون يد السارق , ولا يقطعون لسان الكاذب ؟
ب – ما قلتيه هذا حجة شيطانية .. صحيح أن لكل كبيرة حداً , ولكل ذنب عقاباً , ولكن الكذب هو الكبائر مجتمعة .. إنه وأد للحقيقة .. وإنه فجور .. فلا حد له ولا عقاب سوى أن يطرد الكاذب من أمة الحق والصدق , وأن يجرد من الهوية الإيمانية .. قطع يد السارق لذنب محدود ينتهي عقابه في الدنيا , أما الكاذب والعياذ بالله منافق , والمنافق عقابه في الآخرة في الدرك الأسفل من النار .
ا – قد يكون الكذب إصلاحاً بين الناس , أو قد يكون حلاً لمشكلة لا يمكن مواجهتها بالحقيقة المرة , أو مسايرة لظالم , أو خداعاً لعدو
ب – تضحك منها – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً " هذا ما أباحه عليه صلوات ربي وسلامه .. ولكن من منا اليوم يا صديقتي يكذب للإصلاح لا للهدم .. ومن منا يكذب اليوم لخداع الظالمين لا لخداع المؤمنين الآمنين .. ؟
ا – تبدأ في الاستسلام والتراجع .
يا عزيزتي : مهما حاولت تلوين الكذب , فليس له في شريعتنا الإسلامية ألوان .. إنما نحن مسلمات صادقات من أمة الصدق , الهادي إلى الخير , وجنة عرضها السموات والأرض .
ا – ترخي رأسها خجلة .. تائبة إلى الله من الكذب بكل ألوانه .. استغفرك يا رب وأتوب إليك .. استغفرك يا رب وأتوب إليك .
لن أكذب في حياتي ما حييت .
موقع طريق الدعوة